وصلت أخيراً .. يا لكِ من مدونة تعيسة ، خانقة ، و مليئة بالعناكب .. ما زلت أفكر في تركيب تكييف للمدونة ، لكن لا .. لن و لا و لو ... نحن نرشد الكهرباء .. الماء .. الطعام .. نحن متقشفون .. نعم بالفعل ... مدونتي مقشفة !
حالتي المزاجية كأي شخص تلقى الحر دون تكييف .. شئ مؤلم فعلاً .. أستطيع أن أفتتح مصنعاً للعرق - يادي القرف - و الدموع .. أنا ممن لا يحتملون الحر .. الشتاء هو ربيعي .. أين المطر .. إن مخي لا يتلقى الكم الكافي من الأكسجين ليعيش .. مخي يموت .
في البيت : تلك المروحة الصدئة التي تئن فوق دماغي تجعل من الصعب ، بل من المستحيل أن أسمع أفكاري .. لذا إن أردت أن أكتب موضوعاً إبداعياً ، فما علي إلا أن أتحمل و ألا أشرب ماءاً لمدة يوم كامل .. و أن يجف حلقي فلا أستطيع الكلام .. أُغلق المروحة اللعينة و أستلقي في شئ من النصر و التعب حتى تخرج كلماتي مع شهيقى و زفيري . أما في العمل فالأمر لا يخلو من البذاءة .. المروحة لا تتنفس .. تتحرك كمروحة طائرة نفاثة لكنها - و مع ذلك - لا تسمن و لا تغني من حر .. أستطيع قتلها الآن .. اسمحوا لي .
في الفترة التي لم أصل فيها لمدونتي لأكتب شيئاً كنت أكتب على أوراق .. أوراق كثيرة جداً .. لنقل كثيرة بمعدل 10 ورقات في اليوم .. و كنت أرمي الأوراق - كأي عابث - بعيداً عن صندوق القمامة الجميل هذا .. في طريقي إلى العمل أرمي ورقة هنا و أخرى هناك .. و هكذا ، مرت الأيام و أصبحت أقابل ورقة من أوراقي كل يوم تقريباً .. إن تلك الأوراق ما زالت هائمة كقطة مشردة تبحث عن مأوى ... لعلها صادفت مقلب زبالة لكنه لم يخلو من عبث الفقراء أو الفضوليين أمثال صبحي جارنا الودود .. اليوم مثلاً قابلت إحدى أوراقي و التي كتبت فيها بعنوان " العولمة و الأحلام .. الشئ لزوم الشئ "
( كان محسن هذا أحد الأشخاص المولودين في كوكب المريخ ! .. فقط انظر إلى حمرة وجهه فتستطيع كشف هذا بسهولة ، لم يكن ثرثاراً لكن فمه لا يكف عن " اللعب " ، اليوم قابلته و لم يتكلم أي منا .. ود لو يأتي ليرى مقر عملنا الجديد .. مررنا بعدة شوارع حتى وصلنا إلى منطقة الذهب .. محلات الذهب متلاصقة .. " شئ يغيظ ! " هكذا قالها لي محسن بشفتيه اللتين اختلفا و أفسدا للود عدة قضايا
- لكن يا محسن .. أنت لست مادياً كالأشخاص العاديين .
- بالفعل أنا لست مادياً .. لست من أنصار هذا الهراء المسمى " حب امتلاك " .
و من ثم لمحت عينه - اللي تندب فيها رصاصة - موجهة إلى أكبر محلات الذهب و الألماظ .. تسمر مكانه لعدة دقائق ظننت فيها أنه يراجع كلمته التي قالها .. عجيب أمر محسن هذا ، تجده معك الآن و لا تطيقه ، و لا تطيق أيضاً تركه على حاله و الذهاب بعيداً عن الإزعاج الذي قد يسببه شخص مثله .. عذره الوحيد عندي أنه أحد مواليد كوكب المريخ .. كلهم هكذا .. المساكين ! .
حين صرخت في وجهه ، بدا و كأنه لم يلحظ أنه انتفض و أفاق من أحد أحلام اليقظة
- إلام كنت تنظر ؟
هكذا سألت محسن و في عيني نظرة تذكره بما قاله قبلاً عن كونه ليس بمادياً
- لا شئ ، فلنكمل طريقنا
- أنت قلت أنك لست مادياً .. أتحلم أن تملك ؟! .. أوليس هذا ما أسميته بهراء حب الامتلاك ! .
- صديقي ، أنا لا أنظر إلى الشئ ، أنا أنظر إلى ما وراء الشئ .
- و ما وراء الذهب يا .. محسن ؟ .
- هل نظرت يوماً إلى الشمس ؟ .
- لا .
- فلنكمل طريقنا ، و لنغير الموضوع ، من الواضح أنك لن تفهم شيئاً .
ألقيت نظرة وداع لمحل الذهب .. أيها اللعين ! .. إذاً أنت تنظر إلى ما وراء الشئ ها .. الفتاة الجميلة خلف الفاترينة ! .
اسمحوا لي أن أدفعه تحت عجلات السيارة القادمة ..
- إلى اللقاء يا محسن .
- لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
فليذهب كوكب المريخ إلى الجحيم . )
انتهيت من قراءة الورقة .. ألقيتها لهذا المتشرد العجوز ، فلعله كان صحفياً قال كلمة حق يوماً ما لكن ... الجو حر كده ليه ؟
رسائل
- قرأت اليوم مقالاً للدكتور عبدالله النجار .. لن أسئ إليه و لن أتكلم عنه و لن أضيف تعليقاً على أي مما كتبه ، فأنا لا أسب و لا ألعن و لا أتصيد الأخطاء لكن .. تفضلوا ما كتبه في جريدة الجمهورية ( الصفحة 12 ) تحت عنوان ( قرآن و سنة ) :
"اللهم انها ليست شماتة. ولكنه عظة وعبرة لمن أراد أن يعتبر. فإن الموت لا شماتة فيه. والمرض لا تشفيِّ بصاحبه. ولكن ما يقع منه في ملك الله وخلقه يجب أن يكون له أثر في توجيه سلوك عباده إلي ما ينفعهم في دينهم ودنياهم. فإن الحكمة ضالة المؤمن اني وجدها فهو أحق بها. وقد انتقل إلي جوار ربه وأصبح في ذمته وبين يديه الدكتور نصر أبو زيد الذي ملأ الدنيا زياطاً ونقاشا واختلف الناس في آرائه التي أطلقها دون تحسب لدين أو اعتبار لعقيدة ما بين مؤيد لتلك الآراء ومتحمس لها وهم اولئك الذين انفلت عيار الدنيا عندهم. ولم يجدوا حرجا في أن يتمرد أبو زيد أو غير أبي زيد عليه. ومعارض لها وهم اولئك الغيورون علي الدين والعقيدة. فكان الخلاف في آرائه حادا قويا. وكان اختلاف المتعاملين مع أفكاره ضخما عتيا. كالاختلاف بين الأبيض والأسود. وبين الأعلي والأسفل. والسماء والأرض. والإيمان والكفر. وكان التقاء الفريقين متعذرا. بل كان مستحيلا. فإن أهل الإيمان يمكن أن يفرطوا في حياتهم. ولا يسمحوا بالتعاون فيما يمس دينهم وعقيدتهم. وأهل البدع والأهواء ليسوا علي استعداد لأن يتركوا ما هم فيه من تفاهة وضياع. ليضعوا أنفسهم في قيود الإيمان الذي يكرهونه ولا يطيقون سماع اسمه. ولهذا ظلت الحرب مستعرة من المؤمنين علي هذا الرجل. ومن يشايعونه حتي أراحه الله من الدنيا. أو أراح العالم منه ومن أفكاره التي أزعجتهم. وان كان موته لا يعني انتهاء أفكاره. فإن تلك الأفكار لن تعدم من يقف لها ويعمل علي نشرها بل ويخلد قائلها كما لو كان من القادة البارزين أو القديسين الصالحين.
والواقع ان أفكار نصر أبو زيد وكتبه لا تمثل فكرا محايدا يبحث عن الحقيقة. أو يجعل لها اهتماما في ضميره. بل كانت معاندة لمباديء الدين وخارجة علي هدي أحكامه ولو كان لدي صاحب تلك الأفكار ميل للبحث عن الحقيقة لاستشعر الناس فيما كتبه ذلك والتمسوا له العذر فيما كتب. بل ولنظروا إليه كما ينظرون إلي المجتهد إذا لم يصب. طالما كان متجردا لوجه الله. والبحث عن الحقيقة. لكن ما كتبه كان علي عكس ذلك حيث كان من يقرؤه يشتم منه فور الاطلاع علي ما كتب رائحة يفوح منها زفير الكره للإسلام والتمرد علي أحكامه. ليس بناء علي حجة أو دليل. ولكن لحاجة في نفس يعقوب لا يعلمها إلا علام الغيوب.
لقد حازت أفكار الدكتور نصر أبو زيد ثقة ورضا جهات كثيرة أغدقت عليه وشجعته وتلقفت ما كتبه وكما لو كان تنزيلا من التنزيل أو قبساً من نور الذكر الحكيم. أما هو فاعتبروه رائدا أو إماما ومرشدا وزعيما. ولهذا بالغوا في اكرامه والتلهف لما يقوله. ويشاء الله سبحانه أن يجعل لهم من شخصه آية. فأصيب وهو في آخر سفرياته بإندونيسيا. بفيروس في المخ أعطب عقله وشل دماغه. ثم امتد أثر تدميره إلي صدره. فأسكت رئتيه. وأمات خلايا التنفس عنده حتي عجز الأطباء عن علاجه. واعتذر الطب عن التعامل معه. وأصبح وجها لوجه مع قدر الله تلك المرة. فلم يفلح أنصاره في انقاذه. ولم يقو الشيطان ذاته علي انتشاله من براثن هذا الفيروس القاتل حتي انتصر عليه. فهل كان ذلك الفيروس جنديا من جنود الله التي لا يعلمها إلا هو. أو كان آية من آيات الله التي يجب الاعتبار بها؟. أعتقد ان كلا الأمرين وارد. "
في الإدراج القادم قد أرد عليك و قد لا أرد .. الأمر سيتوقف على مدى حرارة الجو .. أدعو الله أن يكون الجو معتدلاً حتى لا يصيب عقلي ما بدا له كسوء احترام من قلم سيادة الدكتور المتواضع ...