كان على كتف والده جامداً كالصخرة .. ينظر إلى الأرض كأنه يرى شيئاً خارقاً للطبيعة .. حين رأيته لأول وهلة ظننت أنه لا يرى ..و أعطاني ذلك الانطباع عدم ملاحظته لي - أو بالأحرى عدم اهتمامه بي - .. علمت من والده أن ذلك الطفل "أحمد" سليماً معافاً لم يمرض بأي مرض من تلك الأمراض المنتشرة ..شئ غريب هو هذا ، كيف لطفل لم يتجاوز الثلاث سنين من عمره أن تظل نظرته جامدة بمثل هذا الإصرار .. سألت والده مجدداً :
-هل تلك الحالة تتكرر مع ولدك كثيراً ؟
قال و في عينه نظرة تنبه إلى ضرورة إخفاض صوتي
- من صفات ولدي .. ذلك الهدوء ، و مع اني ارتبت في هذا الأمر و عرضته على عدة أطباء إلا أنهم أكدوا على عدم وجود أي مرض أو أي مما يستوجب القلق .
نظرت إلى الطفل و علامات الدهشة ترتسم على وجهي :
- لكن .. لكن !! ، كيف ذلك ، ألا يضحك ..ألا يبكي .. ألا ينفعل ... بمعنى أصح ألا يشعر؟
و مع تدخلي في شئونه الخاصة لم يبد على الرجل أي علامة تدل على الضيق
- من قال لك ذلك ، هو يشعر و يبكي و يضحك و ينفعل و يلعب ، لكنه و مع كل ذلك تنتابه تلك الحالة من السكون ، كأنه يفكر في شئ ما يشغله ، و كأن هموم الدنيا انتقلت من أكتاف الناس إلى كتفه و هو يبحث لها الآن عن حل ...لكن لا تنس أنها مجرد نظرة توحي بذلك .
مع نظرة خاطفة أخرى للولد الذي ما زال ينظر إلى الأرض
-لكن نظرته تنم عن قلق أو خوف
حمل الرجل الولد عن كتفه عالياً لينظر إليه ..ثم أعاده
-لم لا تقول تنم عن تركيز ؟ ، و لم القلق و هو طفلي الأول و أهتم به بأكثر مما أهتم بنفسي ، ألا يكفيه أن يجد كل ما يحتاج ...ثم انه لا يعي تلك الكلمات التي قد تخيف البعض من قلق أو خوف .
تمددت نظرة الحيرة لتأكل وجهي كله
- ربما
---------------------------
بالمناسبة ... كنا ذاهبين لنشاهد تلك المباراة بين مصر و الجزائر في نصف نهائي كأس أفريقيا ، و حين بدأت المباراة انتقلت تلك النظرة التي ارتبت في أمرها من الولد إلى كل الناس ، النظر ثابت تجاه التليفزيون .. حتى الطفل ، لم تلبث المباراة أن تبدأ ليسبقها الولد بنظراته "المركزة" ، و لدهشتي .. انطلقت ضحكات الطفل لتملاً المكان وسط صخب فرحة إحراز الهدف الأول ، ظننت و عندما أتى الهدف الثاني أن الولد "حيتنطط" من الفرح و خاصة اني رأيت أن نظرته المرتابة تحولت لنظرة فرح و ارتياح ..عجيب ..لم أر في حياتي مثل هذا ..تحولت متابعتي للمباراة إلى متابعة لذلك الطفل ..و مع أن مشاهدة المباراة شئ مشوق و ممتع ، إلا أن مشاهدة ذلك الطفل بانفعالاته كانت أمتع و أكثر تشويقا .
بإحراز الهدف الثالث و من بعده الرابع تحول الطفل إلى أداة جميلة للضحك و البهجة ، حيث قاد هتاف المشجعين .... حتى انه قد جعلني قلت في نفسي
- آه يا ابن الكلب ، بقى كده ؟... و الله شكلك راجل كبير و متنكر
انتقلت ببصري إلى والد الطفل أحمد
- متى بدأت ملاحظة تلك الحالة على ابنك "أحمد" ؟
قالها و بصوت ينم عن الاستغراب ...فما الداعي من ذلك السؤال الآن بعد ذلك النصر للمنتخب المصري !
-على ما أذكر ...يوم 18 / 11
هههههه
و كنت فاكر ان ده من صفات ابنك يا عم الحاج .... الهدوء ، على العموم طول ما مصر بعيدة عن الجزائر في كرة القدم ابنك هيبقى كويس
قال على رأي المثل " لا تعليق"
3 التعليقات:
ههههههههه
اكيد طول ما احنا بعيد عن العدو الجديد المختلق هيبقى كويس
تحياتي
الطفل ببرائته يشغل ويلفت انتباة كل من حولة على الاقل هو برىء وطبيعى بدون اى اختلاق او اتفاقيات مبرمة فى الطلام او حسابات مسبقة
فتاة من الصعيد :
و الله عندك حق
---------------
نهر الحب :
أنا في نظري كل شئ برئ براءة الطفل ... و الحاجات اللي بتحصل في الخفاء دي و المؤامرات و اتفاقيات الظلام جزء من البراءة دي
براءة الطفل دي بسبب عدم معرفته عواقب أفعاله فلا يحاول الالتفاف و التآمر و التحايل عليها .
-------------
من مصر :
بجد مصر يزيدها شرف انك منها ..مدونتك جميلة جداً لكن يجب تحديثها باستمرار
تقبلني صديقاً
إرسال تعليق